دكتورة هبة جمال الدين تكتب: المواطن العالمي ومصير الأمم 

د. هبة جمال الدين
د. هبة جمال الدين

مفهوم أصبح يتردد ويدعم من قبل المنظمه الأممية وتروج له وزار الشباب في مبادره ناصر لدول عدم الانحياز بورش عمل يوميه استمرت علي مدار فتره المبادره، بل أصبح برنامج تكويني لدي بعض الجامعات الخاصه وأمتد ليصبح مكون تتدرب عليه بعض المعلمين بالمدارس الدوليه العامله في الوطن. 


فمن هو هذا المواطن العالمي؟
وما علاقته بالدولة القومية؟
وهل تمثل نقطه انطلاق له أم قيد عليه التخلص منه؟
وهل يدعم الأخلاق العالميه التي رفضها فضيلة الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب؟
وهل أصبحوا قوةً مؤثرة علي الصعيد الدول وتم مأسسة المفهوم؟
وما هي مقدماته وهل يرتبط ببعض الدعاوي كحذف الديانه من خانه البطاقة؟
وبعض الرموز التي تروج تحت مفهوم “عالم بلا حدود”؟
وما علاقته بالمواطنة والهوية القومية التي ترعاها الدول القومية؟
وما علاقته ببعض التنظيمات الدولية كالطريقة الصوفيه الدوليه أحد مؤسسات الماسونية كما تنعت نفسها؟

تساؤلات أولية تفتح الباب أمام المزيد من  علامات الأستفهام، وهذا ما سأحاول الاشتباك معه خلال الأسطر التالية:
- فالمواطن العالمي مفهوم يستهدف تحويل المواطنين لبشر جدد يرتكزون علي  مجتمع واحد، يرتكز علي  أساس  الأخلاق العالميه المشتركه .
- تقترح المواطنة العالمية في الأصل، إنشاء بوليس كوزمو أو «حكومة عالمية» للبشرية جمعاء. يحق لها التدخل في تنظيم الأمور والأفعال والقوانين وحماية الضعفاء كالنساء ومجتمع الميم والبيئه.
 
- فالمواطنة العالمية بفضلها يتحول الدين لثقافة والحدود السياسية الي حائل ومانع وسياده الدول لعبء والمقدس إلي خرافه وبدعة.
 - تؤمن بالأخلاق العالمية فهي الضمير الحاكم للسلوك والتصرفات. وليس الأديان والعقائد.
- فالمواطن العالمي يؤمن بانتقال هويه الإنسان من منظور وطني يرتكز علي الولاء والانتماء للدولة التي يحمل جنسيتها إلي ولاء للاستدامة وبقاء الكوكب دون التقيد بحد أو ترسيم. فالهوية ذات منظور أممي ذو روابط متخطبه الحدود والمسافات والدول.
- ويتقاطع المفهوم مع البنائون الأحرار في الإيمان بالقيم "العالمية المشتركة" ، وضرورة تعليمها للشعوب وصولا إلى إيجاد "العيش المشترك" بينهم، وتعليمهم "القيم العابره للحدود لتكوين مجتمع مدني بغير الحدود، ولذلك يسعون لجمع الناس من مختلف الخلفيات وتعزيز العوامل المشتركة بينهم". وتؤكد الحركه الصوفيه الروحيه الصهيونية ان الماسونيه والمواطن العالمي وجهان لعمله واحده تسعي لنشرهما في إطار شمول مختلف الطوائف والاعراق والبشر في مسار مفتوح لا يتقيد بدين أو مقدسات ولا دول.  تحت شعار الاخوه الانسانيه التي ينادي بها الماسونيون كركيزة لأخوه الاتباع والمريدين.
 
- وتتوافق تلك التعاليم مع النظام العالمي الجديد الأخذ في التبلور فالمواطن الجديد سيقوم علي الحركه والتدخل في القضايا العالميه التي ستنشأ من علي أنقاض الدول القومية، التي بدأوا بالمطالبه بإعاده ترسيم حدودها وفقا لسلاح الطائفيه والعرق والجينات وخلافه لتكون معول الهدم ، ثم إعاده البناء لنظم إقليميه فيدرالية تعتمد علي تلاشي الحدود والفواصل لتجمع الدول المنهارة في تنظيمي جديد لا تكون فيه مكان للولاءات القومية. وأنما لقيم وأخلاق عالميه جامعه تجب الاديان أو تنادي بأديان جامعه جديده تتناقض مع الأديان السماوية، التي تعتبر الدفاع عن الأرض والوطن واجب شرعي علي كل مؤمن وأنما ستستبدلها بأديان وضعيه جديده كالدين الإبراهيمي العالمي، الذي سيجعل من تقاسم الموارد والقيم ركيزه لقواعد السلوك والحركه تحت شعار الأخوه والإنسانية.

-وسرعان ما تم مأسسة المفهوم عبر حركة المواطنين العالميين التي تختلف عن منظمات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية النشطة . إذ تميل منظمات وحركات المواطنة العالمية  للاختصاص بقضيةٍ مُحددة تُركز على العمل، والبيئة، وحقوق الإنسان، والقضايا النسوية، ونضال السكان الأصليين، والفقر، والإيدز، والعديد من الجهود . ويتطلب التماسك بين هذه الحركات إعادة صياغة طريقة عملها تحت عنوان النضال من أجل مجتمعٍ عالمي مستدامٍ بيئياً وعادلٍ اجتماعياً ولإنشاء هيكلٍ مؤسسيّ للدفاع عن حقوق الإنسان، والأجيال المُستقبلية، والمحيط الحيوي. لتمثل هذه الحركات قوي ضاغطة ذات حق في التدخل للتغير وتحسير الحدود وعبور القوميات وتنظيماتهم السياسية المتمثلة في الدول القومية.

هنا واتساقا مع ما تقدم، هل نحن بحاجه لتلك المفاهيم الجديدة الوارده، هل نحتاج لدعم المواطنه والولاء والهوية الوطنيه لنلتف حول الوطن والقيادة ، أم نحتاج لخلق هوية إحلالية تؤهل لواقع مغاير مفروض تحت مظلة العالمية وتجسير الحدود والفواصل.
ليأتي لنا أصوات مطالبه بإتخاذ خطوات نحو المواطنه العالمية تبدأ بحذف الديانه من الهوية الرسمية كبداية لهذا النمط المغاير الهادف للقضاء علي الدول القومية.

العقلية النقدية هي المخرج والملاذ من تلك المفاهيم الخطيرة فليس كل منتج غربي ينقل ويقلد كما هو، وإنما يحتاج لتفنيد وتدقيق للاستفاده من ايجابياته بما يخدم الوطن وتنحيه نقاط التهديد لحماية أوطاننا كما يطالب دوما سياده الرئيس في خطاباته المتكررة للشعب المصري.

فأتمني مراجعة الأنشطه الداعمه لمثل تلك المفاهيم حمايه للوطن في تلك اللحظات الحاسمة في تاريخ الوطن.

 

أ.د. هبة جمال الدين
الأستاذ المساعد بمعهد التخطيط القومي
عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية